dimanche 15 mars 2009

يبكون على دماء غزة...ويرقصون على دماء العراق ودارفور! بقلم هشام محمد

-1-

هيا...شقوا جيوبكم، وانتفوا شعوركم، وانثروا التراب فوق رؤوسكم، واحرقوا أعلام أمريكا وربيبتها اسرائيل ودمى بوش، وابصقوا وبولوا على حكوماتكم العميلة، وادعوا ربكم لينصر ابطالكم وأساطيركم: هنية ومشعل ونصر الله وبشار ونجادي؛ فإن من يحرق غزة هي... اسرائيل. ولو أن من يحرق غزة، ويقتل اطفالها ونساءها وشيوخها، عربي منكم، ويعبد إلهكم، ويصلي على نبيكم، لما شققتم جيوبكم، ولما نتفتم شعوركم، ولما نثرتم التراب فوق رؤوسكم، ولما احرقتم أعلام اسرائيل وأمريكا ودمى بوش.



لا تتحدثوا عن الإنسانية، فأنا لا أعثر في قواميسكم الرثة على رابطة الإنسانية وإنما على روابط الدم والعرق والدين واللغة والأرض. ولا تتحدثوا عن فظائع الموت، وتطاير الأشلاء، وأنهار الدماء، وانتم ملطخون بالدم وتاريخكم المقدس غارق حتى أذنيه بالدم. ولا تتحدثوا عن مذابح نساء غزة، وانتم تحترفون قتل نساءكم كل يوم باسم الدين والعادات. أين انتم إن كنتم صادقين من مذابح دارفور؟ لماذا غصصتم كل هذه السنين بسكوتكم؟ ولماذا انحنت مآذنكم؟ ولماذا جفت أقلامكم؟ ولماذا نشفت دموعكم وسكت عويلكم؟ أأخبركم عن سبب ذلك...؟ لأنّ القاتل عربي مثلكم، ويعبد إلهكم، ويصلي على نبيكم. وياليتكم ادرتم ظهوركم للقاتل والمقتول، بل هببتم للدفاع عن أخيكم القاتل في وجه ما تسمونه زوراً وبهتاناً بمشاريع الاستعمار والأمبريالية. ثم أين صلواتكم ومظاهراتكم وصراخكم ومايكرفوناتكم وتبرعاتكم من المفخخات التي تلتهم العشرات كل يوم من أبناء العراق؟!! بدلاً من أن ترموا أحذيتكم البالية في وجه الإرهاب القذر رحتم تحتفلون بحذاء صاحبكم الأرعن الذي رماه على من حرر العراق من الطاغية!



لا الدم العراقي، ولا الدم الفلسطيني، ولا الدم السوداني، ولا أي دم آخر يعني لكم شيئاً إذا كان من أســالَهُ واحد منكم. لا نرى دموعكم وصلواتكم وقنوتكم ومظاهراتكم وفتاواكم إلا إذا كان القاتل لا يدين بدينكم. اتقولون عن انفسكم أنكم خير أمة اخرجت للناس؟! انكم والله لأفجر واكذب أمة اخرجت للناس. تقلبون الحق باطلاً، والباطل حقاً، وتسوقون جماهيركم البلهاء والمغيبة عن الوعي منذ قرون كالأنعام والماشية. تعقب خيط الدم، الممتد من مجازر دارفور إلى معركة الجمل، فلن تجد يوماً أن العرب قد وقفوا مع قتيلهم في وجه قاتله. إنهم إن لم يدفنوا رؤوسهم في الرمال، فسوف يصفقون للقاتل، وينحتون له التماثيل، ويكتبون فيه شعرا، وسيحلفون كذباً أنهم قد شاهدوا وجهه مرسوماً في مرايا القمر وسنابل القمح. هؤلاء البشر لا يحفلون بالضحية، ولكنهم يخافون القوي المستبد. مازالت صورة تلك الجماهير الهادرة في عمان وغزة ورام الله وتونس والجزائر وصنعاء وباقي "الحضائر" العربية في الذاكرة طازجة، وهم يرفعون صورة سيدهم المشنوق شهيد الحفرة، ويهتفون بحياته بالروح والدم بعدما غزا الكويت عوضاً عن اسرائيل، وهم يرددون بكل حماس" بالكيماوي يا صدام...من الكويت للدمام".



-2-

الوسطية تعني أن تقف في منتصف المسافة ما بين الليبرالي والأصولي. إذا شدك أولهما إلى صفه ملتَ بجذعك إلى الآخر. وإذا شدك ثانيهما إلى صفه ملت بجذعك إلى الآخر. إذا بشرك الليبرالي بالحياة، قلت له: أن الدنيا في الآخرة كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم. وإذا زخرف لك الأصولي الموت، قلت له اعمل لدنياك كأنك تعيش للأبد واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً. وإذا حدثك الليبرالي عن التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر، قلت له: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. وإذا حدثك الأصولي عن قتل غير المسلمين وسبي نسائهم وأولادهم، قلت له: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصائبين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وإذا حدثك الليبرالي عن مساواة المرأة وحقوقها، قلت له: إن النساء ناقصات عقل ودين. وإذا حدثك الأصولي عن أن المرأة عورة وفتنة وأنها صنو الشيطان، قلت له: النساء شقائق الرجال.



لم يكن للوسطية ذكراً قبل وقوع الأحداث الإرهابية في الحادي عشر من ايلول من عام 2001. إلا أن مرحلة ما بعد التفجيرات الإرهابية اقتضت إعادة فرز الانتماءات وحصر الاتجاهات، فجاءت الوسطية كطوق نجاة لانقاذ ما تبقى من الإسلام، وكغطاء يتوارى خلفها كثيرون ممن كانوا بالأمس القريب من أشد المتطرفين الغلاة. جمهور الوسطية هم نوعان: فئة تحمل تصوراً طفولياً لا يرهق نفسه في قراءة ما وراء العناوين البراقة للإسلام. تؤمن تلك الفئة في إسلام متحضر ومنحاز للإنسان، إسلام يستوعب بأريحة كل الأطياف والتباينات، وإسلام لا يعترف بما ينسب لنبي الإسلام من أحاديث تؤلب على قتل المخالف، وتحقر من شأن المرأة، وتتصادم مع الذوق والأخلاق والعلم. أما الفئة الأخرى فجلها من المتحدثين باسم الإسلام، وهي متورطة بشكل أو بآخر في صناعة التطرف وتخريج دفعات من الإرهابيين القتلة، إلا أنها وحتى تتجنب الدخول في اشكالات مع السلطة فقد تمسحت بمسوح الوسطية ولو ظاهرياً. أحد هؤلاء "المستوسطين" سقط قناعه الزائف، وانكشف وجهه البشع، عندما تعاطفت إحدى المتصلات ببرنامج "افتاء" مع ضحايا البرجين اللذين سقطا على يد الإرهاب، فقال بعصبية شديدة غير محسوبة لها: ليتك كنت معهم! هذا الرجل، وهو بالمناسبة من كبار هيئة العلماء في السعودية، لو سئل عن رأيه في العمليات الإرهابية لوصفها بالإفساد في الأرض، وأن الإسلام لا يقر مثل هذه الممارسات الدموية، وأن قتل نفساً واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً. طبعاً هذا ما يقولونه في النهار وعلى مضض، أما إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم انما نحن مستهزؤن.



وبعيداً عن انتهازية تلك الفئة والتي سيتكفل التاريخ بإدانتها يوماً ما، فإن انصار الوسطية دائماً ما يسقطون في خطأ منهجي، حيث أنهم يعتقدون أن الوسطية هي خير كلها، وهذا ليس بصحيح. الوسطية قد تكون صفة مرغوبة إذا كان الأمر يتعلق بالأكل أو الشرب أو النوم. لكن هل يعقل أن يكون الوقوف في وسط الطريق بين الخير والشر، والنور والظلمة، والعدل والظلم هو الوسطية في الإسلام؟! عندما تطالب الليبرالية بمساواة أبناء الوطن الواحد، وبالتداول السلمي للسلطات السياسية، وباحترام حق الاختلاف في العقيدة والفكر، وبانصاف المرأة، وبتعظيم الحريات الفردية، وبإخضاع التراث التاريخي والديني للنقد...يقال هذا هو التطرف بعينه! إن هذه الوسطية بوضعيتها البائسة لا تملك أن تنتج لنا فكراً رصيناً، أو أن تطرح مشروعاً حضارياً. إنها حالة من الهلامية الفكرية ونوعاً من الدوران حول الذات لا تستطيع السير خطوة إلى الأمام. هذا طبعاً إذا سلمنا أن الوسطية ليست في الأصل مشروعاً خبيثاً يستهدف مقاومة صعود الليبرالية تحت شعار: وجعلنكم أمة وسطا.



-3-

بعث لي صديق "اليكتروني" برسالة تحمل نبض المنتديات الإسلامية بعيد انتخاب باراك اوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية. تشير الرسالة إلى أن اوباما الذي فرح به العرب والمسلمون فرحاً شديداً قد يكون هو ذاك الرجل الذي سيهدم الكعبة كما أنبأنا به النبي محمد قبل أكثر من أربعة عشر قرناً. وإليك ما جاء في هذه الرسالة.



ثبت في صحيح البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة. قال ابن حجر في فتح الباري: عن علي رضي الله عنه قال: استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل من الحبشة أصلع -أو قال- أصمع حمش الساقين قاعد عليها وهي تهدم. رواه الفاكهاني من هذا الوجه وقال: قائماً عليها يهدمها بمسحاته، والأصلع من ذهب شعر مقدم رأسه، والأصمع الكبير الأذنين، وقوله حمش الساقين بحاء مهملة وميم ساكنة ثم معجمة أي دقيق الساقين. انتهى كلامه.

فتبين أن المقصود بذي السويقتين الحبشي هو رجل من الحبشة دقيق الساقين، وهو الذي يباشر هدم الكعبة عندما يحين ذلك الوقت.

من الاحداث التي شدت العالم هذه الايام فوز المرشح الديموقراطي باراك الحسين اوباما ووضعه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية هذا الرجل من أب ذو أصول كينية وأمه امريكية فهل تنطبق صفة ذو السويقتين علي أوباما ؟ دعونا نستعرض وصف ذوالسويقتين في الأحاديث الواردة، ونري ما إذا كانت تنطبق علي باراك اوباما أم لا:

أولاً: رجل أسود .

ثانياً: له نفوذ وجيش كبير.

ثالثاً: يخرج من الحبشة ( القرن الافريقي المتمثل في الصومال اثيوبيا كينيا واريتريا).

رابعاً: دقيق الساقين.

خامساً: اصلع اواصعل (أي صغير الرأس) واصمع (كبير الأذنيين وقيل صغير الأذنين).

كل هذه الصفات تنطبق علي باراك اوباما!!!

وذكر في الحديث انه افيدع (والافيدع من في يديه اعوجاج) ويكني بذي السويقتين وهذه الصفات لاتنطبق علي باراك اوباما ولكنها قد تكون كنية .. فدعونا نبحث عن كنية اوباما ومعني كلمة اوباما ((أوباما هو اسم من اللو مجموعة عرقية في جنوب غرب كينيا، حيث ولد باراك أوباما الأب. وكانت في الأصل بالنظر إلى اسم باراك أوباما الجد الاكبر. وهو يقوم على اللو (من الناحية التقنية ، Dholuo ، لغة اللو) كلمة باما، والذي يعني "معوج ، قليلا رضوخ". البادئة او- تعني "هو"، والعديد من رجال اللو أسماءهم تبدأ بها. ونظرا لأن معظم الأسماء التقليدية لمجموعة اللو هي التي قدمتها والدة الطفل في اشارة الى شيءٍ عن ولادة الطفل ، افضل ما يمكن توقعه هو أن أوباما الجد الاكبر عندما ولد كان واحد من ذراعيه أو رجليه بدت تميل قليلا أي ان كنية اوباما تعني ذو الساق او اليد المائلة أي افدع اليد او الرجل..!!

وتعليقي على هذه الرسالة هو بالضبط ما عنون به مرسلها رسالته...يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!

خطر الاسلام السياسي علي الاسلام

خطر الاسلام السياسي على الاسلام
الاء الجبوري
alaa_aljbori@yahoo.com
2008 / 8 / 15


تهديد الدين الاسلامي قضية لطالما كانت تترد على منابر رجال الدين وحتى المفكرين , والتهديد ياتي فقط من اليهود الصهاينة ثم بريطانيا العظمى سابقا وامريكا حاليا حتى اصبحت هذه القضية من البديهيات حتى في اغلب وسائل الاعلام , فعندما يصدر رجل الدين المسلم فتوى تتعارض مع الاسلام ومباديء حقوق الانسان يطلق بعض الاعلاميين عليه "الاسلام الامريكي او اسلام العولمة" , من هو المتهم الاول بتهديد الدين الاسلامي , امريكا ام الاسلام السياسي الذي يستخدم الاسلام للوصول الى مصالحه , وهذا مايثبته لنا تاريخ الاسلام السياسي .

مع بدايات الاسلام بدأ الاسلام السياسي الذي استغل الدين الاسلامي من اجل مصالح سياسية او شخصية وقد تجلى هذا واضحا في الصراع الذي دار بين الامام علي (كرم الله وجهه) وبين معاوية ابن ابي سفيان الذي استغل الاسلام من اجل الحصول الى كرسي الحكم ليؤسس الدولة الاموية ذات النظام الوراثي، ثم جاءت الدولة العباسية لتستغل هي الأخرى الدين الاسلامي وباساليب مخجلة لاتختلف عن أساليب الامويين, الامويون والعباسيون استخدموا الدين الاسلامي للوصول الى الحكم ليؤسسوا امبراطوريات عظيمة ليس وفقا لأبجديات الدين الاسلامي ولكن مثل اساليب كل الامبراطوريات سابقا وحاليا في توسيع نفوذها .
لم يتوقف استغلال الدين الاسلامي عند هذا الحد بل هناك الكثير ممن مارسوا هذا الاستغلال ومنهم العثمانيون الذين احتلوا ومارسوا سياسة التتريك باسم الدين الاسلامي وكذالك الصفويون الذين مارسوا هذا الاستغلال ومايثير السخرية والاشمئزاز ان العثمانيين والصفويين اداروا صراعهم في العراق بطريقة بشعة عندما قتلوا الالاف من العراقيين باسم الاسلام المذهبي من اجل مصالح سياسية قومية تخدم بلدانهم , الاسلام السياسي الذي اعتمده العثمانيون والصفويون ماذا قدم للاسلام والمسلمين في العراق غير ارث من الدماء والفتن داخل الدين الاسلامي ...؟!.

اما في العصر الحديث فقد ظهر الاسلام السياسي في الجزيرة العربية ممثلا بآل سعود ومحمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي الذي اخترع اسلاما جديدا كان وبالا على الاسلام عامة والعرب خاصة عندما احتضنته بريطانيا العظمى سابقا وامريكا حاليا لتظهر اول دولة عربية يقودها الاسلام السياسي فهل كانت السعودية المدينة الفاضلة وماذا قدمت السعودية للمسلمين و للدين الاسلامي .

وفي العقود الاخيرة من القرن العشرين ظهرت الجمهورية الاسلامية الايرانية التي استخدمت الدين الاسلامي لتسويق مشروعهم القومي التوسعي وتصدير الثورة الاسلامية الى البلدان التي لها فيها مصالح اقتصادية وسياسية , فماذا قدم الاسلام السياسي في ايران للاسلام وللبلدان التي صدروا لها الثورة الاسلامية ؟
والاسلام السياسي في الجزائر دليل على فشل الاسلام السياسي اضافة الى حجم الاساءة التي الحقها بالدين الاسلامي وتشويه صورته وخاصة عند الغرب عندما لم ينتقم من القيادات الجزائرية التي رفضت تصويت الجزائريين للاسلاميين للوصول الى الحكم لكنه انتقم من الشعب الجزائري بقطع الرؤوس والايادي والارجل وخطف الجزائريات وهتك اعراضهن وغيرها من الاساليب التي كانت مادة دسمة للاعلام الغربي عما يفعله الاسلاميون في الجزائر , فماذا قدم الاسلام السياسي للجزائريين الذين انتخبوه غير الويلات واليتم والرعب والذعر وتشويه صورت الاسلام في الجزائر وفي الغرب .
حركة طالبان الاسلامية في افغانستان التي حكمت في نهاية التسعينات من القرن المنصرم بمنهج ظلامي متخلف فحولوا ملاعب كرة القدم الى ساحات اعدام وجلد النساء وحولوا هذا البلد الى سياط وسيوف لقطع الرؤوس والايادي وتصدير الانتحاريين الى الدول الاسلامية للجهاد ضد الكفر"على حد تعبيرات طالبان" كما فعلوا بالعراق ,ماذا قدمت حركة طالبان الاسلامية لأفغانستان وللاسلام غير انها كانت وبالا على الاسلام والمسلمين وهي من ربطت بين الاسلام والارهاب وانتهت افغانستان بلدا محتلا يتقاذفه ارهاب طالبان الاسلامية .

في السنوات الاخيرة ظهر الاسلام السياسي على الساحة العربية بشكل واضح وقوي وكلهم يعدون الشعوب العربية التي يرزح اغلبها تحت انظمة دكتاتورية بالمدينة الفاضلة اذا ما استلموا الحكم ففي فلسطين التي قاومت اسرائيل بالحجارة التي أثارت تعاطف العالم معها ولكن عندما استلم الاسلام السياسي ممثلا بمنظمة حماس الاسلامية تحولت المقاومة الفلسطينية الى مجاميع تتقاتل فيما بينها وهناك الان 12 فصيل فلسطيني متناحر بسبب ممارسات وتوجهات حماس والجهاد الاسلامي ، اما في لبنان الذي يقوى الاسلام السياسي فيه ممثلا بحزب الله الذي اصبحت طموحاته في جعل لبنان المدينة الفاضلة الى معوق للوصول الى وفاق وطني ومبرر لإسرائيل وامريكا للتدخل في الشأن اللبناني بشتى الطرق , فماذا قدم الاسلام السياسي ممثلا في حزب الله للبنان وللاسلام ؟

وفي مصر يطرح الاسلام السياسي نفسه بديلا سياسيا منقذا لمصر من الفقر وتردي الاوضاع المعاشية والفساد المالي ولكنه فشل في الغاء او الافتاء بتحريم ختان البنات هذه العادة الفرعونية التي البسوها رداء الاسلام ويذهب ضحيتها اكثر من فتاة سنويا !!!.

اما الاسلام السياسي في العراق الذي اخذ موقف المعارض من كل الحكومات العراقية ومكفرا كل الايدلوجيات السياسية إلا ايدلوجيته فماذا قدم للشعب العراقي خلال خمس سنوات ؟ لقد تحول العراق في ظل حكمهم الى عراق سني وعراق شيعي وبالتالي فمن البديهي ان يكون هناك عراق كردي وربما تركماني !!! , اما الديمقراطية التي اوصلتهم الى الحكم صنعوا منها ديمقراطية طائفية قائمة على منهج العنف اقصاء الاخر من غير الاسلاميين او من غير الموالين لهم, والمدينة الفاضلة التي وعدوا بها العراقيين مدينة ينخرها الفساد الاداري والمالي وغياب الخدمات , مدينة هجرها قسرا اكثر من اربع ملايين عراقي فماذا قدم الاسلام السياسي العراقي للعراقيين والاسلام؟ .
من كل تجارب الاسلام السياسي هناك تجربة ناجحة وهي الاسلام السياسي في تركيا والمتمثل في حزب العدالة والتنمية الذي وصل الى الحكم في دولة علمانية لكن نجاحه جاء بسبب من كونه يملك برنامجا سياسيا واقتصاديا جعله ناجحا في حكمه , ولم يات باجندة تكفر العلمانية التي بنيت على اساسه االدولة التركية الحديثة ولم يتدخل في حياة الفرد التركي ليسجل له قائمة من الممنوعات والتحريمات بل احترم خصوصية الفرد التي ينص عليها دستورهم , الاسلام السياسي التركي يمثل الاسلام السياسي الناجح فهل سيستفيد الاسلام السياسي في دول المنطقة من هذه التجربة الناجحة خاصةا بعد فشله الذريع في كثير من الدول ؟ .

بعد هذه المقتطفات عن الاسلام السياسي في عدد من الدول الاسلامية والعربية نتساءل أين يكمن الخطر الذي يهدد الدين الاسلامي ومن المسؤول عن تشويه سمعة الاسلام , بالطبع لااجزم ببراءة امريكا واسرائيل مما يقوم به الاسلام السياسي ولكنهم ليسوا المتهم الاول ، فالعلة تكمن في الاسلام السياسي نفسه و هو الخطر الحقيقي على الاسلام وسمعة الاسلام ليس فقط في المجتمعات غير الاسلامية بل في المجتمعات الاسلامية نفسها ولنا في تجربة الشعب العراقي مثالا على ذلك الذي اكتشف اغلبه في خمس سنوات ورقة الاسلام السياسي العراقي .
اعطى الاسلام السياسي الحق لنفسه ان يحكم باسم الاسلام فهل يتطابق الاسلام السياسي مع روح الاسلام المحمدي وهل كان الاسلام المحمدي دين قطع الرؤوس والايادي وسلب حق الانسان على اساس نوعه ؟ هل استخدم الاسلام المحمدي الانسان ورقة يحرقها من اجل مصالح شخصية او فئوية ؟ هل كان دين اقصاء الاخر كما يفعل الاسلام السياسي اليوم من احزاب كل منها يحمل فكر يتنافر مع الاخر حد التكفير ,

واخيرا اتساءل: هل ستستفيد الشعوب العربية من تجربة الشعب العراقي الذي اختار الاسلام السياسي ودفع غاليا ثمن اختياره, هل سيتذكرون اساليب انتقام الاسلام السياسي الجزائري من الشعب الجزائري هل ستتذكر المرأة العربية اعراض الجزائريات التي هتكها الاسلام السياسي في الجزائر , هل ستتذكر معاناة المرأة السعودية في ظل الاسلام السياسي . هل ستستفيد الشعوب من تجارب غيرها ام ستدفع الثمن غاليا لتكشف حقيقة الاسلام السياسي ومخاطره على الاسلام.. ؟انها تساؤلات فحسب.


أدخل شروط البحث الخاصة بك تقديم نموذج بحث
Web www.ssrcaw.org

فقراء يجب أن لا ننساهم





في كل لحظة يجب ان نفكر في هؤلاء المساكين والفقراء والمحرومين

jeudi 12 mars 2009

قطع ثورية

يا موطني‏

يا أيها المليون والنيف الغني‏

يا مجد آبائي وحفظ المجد غالي الثمن‏

يا قوت عيالي، لباسي، مسكني‏

يا رمز آمالي مصيري، موطني‏

لن تستكين لغاصب، لن تنحني‏

يفديك يحميك الشباب ولن يقصر أويني‏

....يا لعنة المواطنين وجنة المستوطن‏

يا أرض فلاح فقير تعطى لميسور غني... (4)‏

يا سيدي الهمام‏

إنا هنا مواطنون‏

وهذه بلادنا‏

من ألف قرن قبلكم وألف عام‏

كنا هنا...‏

حياتنا ملك لنا، وأرضنا ملك لنا، ورزقنا‏

ملك لنا، فأيكم أب لنا وأيكم لنا إله؟‏

فلترحلوا يا سيدي.. ولترحلوا‏

من فوقنا وتحتنا‏

فنحن وحدنا في أرضنا‏

مخلدون‏

من ألف قرن قبلكم وألف عام(7) .‏

ضحايا الشقايا ضحايا الفساد‏

يعم الفساد جميع البلاد‏

نهوضاً لنطعن حكم الفساد‏

ونقضي على البغي والعابثين‏

فماذا نقول وماذا نريد؟‏

نريد الحياة بلا ظالمين‏

فهل تحسبون بأنا نسينا‏

رفاق"البطاح"، رفاق الجراح‏

حقوقاً تضاع، دماء تسال‏

جموعاً تثور على المجرمين‏

هل خوّل الإسلام للحكام تعبيد البشر؟‏

أم جوهر استقلالكم أن تذبحونا كالبقر؟‏

من أنتم حكامنا؟ من أين جئتم؟ ما الخبر؟‏

ما دوركم؟ لا تنزلون على الأقل لنا المطر‏

ما دوركم لا تصنعون على الأقل لنا إبر‏

تتجبرون وتعتدون على هوانا كالقدر‏

لا تزرعون وتفسدون الزرع، تجنون الثمر‏

تستعبدون وتجلدون وتقتلون بلا وزر‏

هم غائبون يصارعون الغول في واد بعيد‏

وسيرجعون برأسها وسيحملون لنا ورود‏

وسيحملون لشعبنا تمراً وزيتوناً نضيد‏

وحمامة معتوقة بيضاء تصدح بالنشيد‏

وشريعة لعموم الشعب من بيض وسود‏

ويقدمون لجيلنا صندوق ألعاب جديد‏

فيه المدارس والمدافع والمصانع والسدود‏

امسح دموعك يا أخي فالليل حتماً لن يسود.
قالوا له‏

ماذا تضيف؟‏

لا تخف عنا أي شيء‏

فالنار والكرباج‏

ينتزعان من رأس السجين‏

مالا يريد‏

وتحلقوا من حوله مثل الكواسر والوحوش‏

يتكالبون على انتزاع‏

ثيابه عن جلده‏

سيطول هذا الليل إن لم تعترف.‏

فحقيقتي أني أناضل ضد من‏

يـ بني لكم دور العذاب‏

وحقيقتي أني أناضل ضد من يبني لأمتنا الخراب‏

وحقيقتي، وحقيقتي أني‏

وإن طال العذاب‏

وغرستم في مهجتي كل الحراب‏

لن أنثني... لن أنثني....‏

حتى أقدم للتراب‏

قطرات نار تلتظي‏

حمرا يقبلها التراب.‏

جنرالات موريتانيا وديمقراطية برتبة عريف

اعتقد الكثيرون أن موريتانيا صنعت نموذجا فريدا في الديمقراطية بالوطن العربي، وراحوا يتغنون لهذا الاستثناء في زمن الديكتاتوريات العربية والإسلامية، قرأنا ما كتب وظل يردد بشتى ألوان الحبر، زاده بلاغة تلك البصمات القادمة من بلد المليون شاعر... بالرغم من تاريخ الحكم في موريتانيا، الذي حطم أرقاما قياسية في الانقلابات العسكرية بأكثر من 10 لها تأثيراتها البالغة في تراجيديا الحكم، كنا نظن أن آخرها ما قام به العقيد أعلى ولد محمد فال الذي انقلب على الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، الذي بدوره أطاح بولد هيدالة في عام 1984، ولكن أقدار ضائعة لولد الطايع الذي يوصف بـ "الضابط الخجول" دفعته إلى أن يشرب من الأقداح نفسها في 03 أوت/أوغسطس 2005، وهو يشارك في جنازة الملك السعودي فهد بن عبدالعزيز... لما أقدم العسكر بقيادة العقيد أعلى ولد محمد فال على تسليم الرئاسة إلى المدنيين في شهر مارس/آذار 2007 وفي انتخابات وصفت بالنزيهة وأشاد بها الصديق والعدو، جعلت بلد الشنقيط يصنع بجدارة الاستثناء الفريد اليتيم في العالم العربي، وألقيت الدروس والمحاضرات عن عسكري وضع بصماته في تاريخ الحكم العربي، فأن يقدم عسكري على التنحي طواعية وتحت انتخابات رئاسية أشرف عليها ولم يترشح لها، بل منع كل أعضاء مجلسه العسكري من الترشح، هي سابقة نوعية بلا شك ولكن أيضا ينخدع لها وتثير عواطف كل من لا يدقق في طبيعة منظومة الحكم ونفسيات العسكريين، وهذا لا يعني أننا نشكك في نوايا ولد فال بصفة ما، ولكن كنا نشكك في نوايا الذين شاركوا معه في الإطاحة بولد الطايع، لأن العسكر تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ويكفي ما حدث الآن كدليل واضح، أنهم كانوا خصوما يترصدون للفرص من أجل الإطاحة بديمقراطية أبعدتهم عن الريع المستباح والمشهد المرهون.

في غمرة ما يحدث من تحولات، كان لي موقفي الذي يخالف التيار الجارف الطاغي على السطح والقاع والواقع، لأنني على يقين أن الديمقراطية التي يسلمها العسكر برضاهم، لا يمكن أن تصمد في لحظة إن عارضت هذه الديمقراطية مصالح الجيش والجنرالات، فنفسية القائد الذي تربى وصنعت ايديولجيته في الثكنات العسكرية، لا يقبل أبدا برأي يتعارض مع مصالحه حتى الشخصية الضيقة، فالضابط العربي يرى في تحية من دونه رتبة لا ترافقها ابتسامة عريضة وخشوع وتذلل، هي إهانة له ولأجداده ولأصوله وتاريخ والديه، و"صف الضابط" الذي يرى في التحية العسكرية التي يمليها الانضباط الداخلي هي عبودية ورق يجب أن يتخلص منها يوما ما مهما كلفه الثمن، والجندي الذي يقضي ساعات في مراكز الحراسة يتفجر بالأحقاد على القدر الذي خلقه برتبة جندي، فضلا من كل ذلك يستهين بمن هم أعلى منه رتبة، فهم لا يختلفون عنه بشيء لا في العلم ولا في الخلق ولا في العسكرية ولا في الانضباط، إنما القدر فقط له فعلته في تقرير مصائر الناس... أكثر من كل ذلك أن أي عسكري عندما يغادر ثكنته من اجل الراحة الأسبوعية أو الإجازات فتجده يتأهب إلى معاملة استثنائية من طرف المدنيين، لأنهم في عقيدته وتصوراته أقل شأنا منه، بل أنهم أقل إنسانية من عسكريته وإن كان عديم الرتبة، فتراه يفرض على الجميع احترامه وتبجيله وتقديسه والتبرك ببذلته والتودد له، ولا يمكنه أن يتعامل إلا مع من يراهم في مستواه، فإن كان برتبة رقيب ومستواه الدراسي الابتدائية، تجده لا يقبل إلا بأستاذ جامعي أو مهندس دولة يجالسه في مقهى لارتشاف القهوة وللحظات أهداها هذا العسكري المتواضع من وقته الثمين !! وإن كان ضابطا فلا يقبل إلا برؤساء المجالس الشعبية أو نواب البرلمان، وإن كان ضابطا ساميا فلا يقترب من أسواره إلا الوزراء والأثرياء والسفراء... فعلاقة المدني بالعسكري تحكمها عوامل نفسية لا يمكن أن نتغاضى عنها أبدا، لأن الواقع العربي الذي تحكمه عقلية المخابرات والنفوذ الأمني، جعل هذه الجدلية تسيرها مرتكزات طبقية لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها أبدا، فالمدني يرى مستقبله في يد عسكري، والعسكري يرى المدني مجرد خادم وعبد مطيع يعيش تحت أمر سلطته العسكرية، ونفسية العسكري لا تقبل أن يقوده أو يتحكم فيه من لم يتخرج من كلياته، فالضابط الذي تخرج من الكلية الحربية مباشرة برتبة ملازم، تجده يعيش السخط في داخله، حينما يعين في مركز قيادي أي ضابط بدأ حياته العسكرية عريفا أو جنديا وتدرج بطريقته طبعا في الرتب كلها حتى وصل إلى أعلى المناصب، فضلا من أن يتم تعيين مسؤول مدني كقائد للجيش، فذلك لا يمكن تصور مدى السخط الذي يضرب عمق الثكنات وينخر في جدرانها ويرعش فوهات رشاشاتها... على كل أن الخوض في غمار نفسية العسكري والمدني في ظل مقاربات يمكن من خلالها، معرفة أبعاد الحكم في منظومة السلطة العربية، تحتاج إلى وقفات طويلة ومحطات مختلفة، والذي يمكن أن نجمله هنا في هذا المنحى، أن العسكري في الوطن العربي وليس الغربي الذي له توجه مخالف تماما، هو إنسان ليس كباقي الشعب يحمل مواصفات خاصة به، تبدأ من أن طينته تختلف عن الآخرين، وان الذي ألبسه البذلة العسكرية وقلده الرتبة قد وضع في كفه مقاليد الحكم ومفاتيح البلد، ومن يحاول أن يقترب من هذه المقدسات فقد فتح النار على نفسه...

لقد قلت من قبل أن الديمقراطية الموريتانية التي تخرجت من الثكنة العسكرية، لن تنجح أبدا ولا يمكن لها الوقوف في وجه أول إعصار قد يعصف بها، وخاصة أنها ديمقراطية تحت خطوط حمراء وضعت بإجماع في مراكز قيادة الجيش، وإن كان غيري حاول أن يعطي لهذه "الديمقراطية الفتية" طابعها المدني المطلق، وآخرون قلدوها رتبة جنرال أحيل على المعاش، بمعنى أنها ديمقراطية تربت في الثكنات وتخرجت من الكليات الحربية، وتدربت على كل أنواع الأسلحة، ولكن بفضل عقيد عسكري ووطني أحالها على المعاش لتبدأ حياتها المدنية بامتياز، ولكن كنت أراها أنا ديمقراطية لم تخرج من أسوار الثكنات بل هي تعيش داخلها، وليست ديمقراطية تؤدي واجب الخدمة العسكرية وقد تنهيها يوما وتعود إلى الحياة المدنية، ولكنها ديمقراطية عسكرية بحتة وبرتبة عريف، أي ضابط يمكنه وفي أي لحظة يريد أن يعاقبها ويضعها في زنزانات التأديب أو تجريدها حتى من هذه الرتبة المتدنية، بل قد تتعرض لشتى أنواع الإهانات من تنظيف المراحيض وغسل الصحون وكنس الأرصفة وجمع القمامات، ومفروض عليها أيضا الركوع لضابط تخرج حديثا من الكلية الحربية، فالعريف مهما طال به الزمن في الجيش فإنه لن يصل إلى رتبة ضابط أبدا، نتكلم على ذلك في زمننا هذا وليس من قبل لما حكم الجيش عرفاء وجنود، لا يحسنون حتى القراءة والكتابة كما هو الشأن في الجزائر وأغلب جنرالاتها لا يملكون حتى الشهادات الابتدائية، وسيظل هذا العريف "المحتقر" مدى خدمته وهو تحت الأوامر لكل ضابط أو صف ضابط يلتحق بالجيش، ويوما التقيت بعريف سابق رقي بعد ثلاثين عاما من الخدمة إلى درجة مساعد، يعمل في ثكنة قائدها ابنه برتبة عقيد حدثت بينهما المشاكل الكثيرة كادت أن توصل الأم إلى الطلاق !!...

الآن صرت أرى الديمقراطية الموريتانية أنها بالفعل تحمل رتبة عريف لكنه "عريف العقوبات"، وهو ذلك الجندي البسيط الذي يقلد هذه الرتبة من أجل السهر على زنزانات التأديب الداخلي الموجودة في كل الثكنات، حيث يعاقب بالزج فيها أي عسكري يرتكب مخالفات ويتجاوز قوانين الانضباط، ولا يمكن لهذه الديمقراطية أبدا أن تقف ضد أي ضابط فضلا أن يكون برتبة جنرال وبمثل نفوذ محمد ولد عبدالعزيز الذي أطاح بالرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبدالله، وفي أول مواجهة سياسية بين الثكنة والرئاسة...

بغض النظر عن طبيعة حكم الرئيس المطاح به، أو عن واقع تسييره للأمور في البلاد، وبغض النظر عن الحملة التي استهدفته من خلال الهيئة التشريعية "البرلمان" وتمرد 48 من نواب الأغلبية، أو من خلال الهجوم على زوجته وقضايا الفساد التي حركت ضدها، إلا أنه لا يختلف اثنان في دستورية القرارات التي اتخذها في حق جنرالات وصفهم بأطيب الأوصاف في آخر حوار له مع قناة الجزيرة القطرية، والمتمثلة في مراسيم العزل التي جاءت بعد ترقيتهم من قبل وبمبررات مختلفة أهمها مدى تضحيتهم في سبيل الوطن، وهو – طبعا - من صلاحيات الرئيس الدستورية التي لا ينازعها فيه أحد، هذا في الدول التي تحترم نفسها ولا تستهين وتستخف بشعوبها، فكيف يمكن أن نسمي أي كان أنه "رئيس البلاد" ولا يستطيع أن يعزل جنرالا؟ كيف يمكن أن نصف ما جرى بموريتانيا أنه ديمقراطية حقة قل نظيرها، والرئيس الذي انتخبه الشعب لا يستطيع أن يعزل جنرالا وربما لا يستطيع ان يعزل عريفا أو يجرده من رتبته إلا برضا العسكر؟ هل من الممكن أن ننظر بعد اليوم إلى أي شيء يأتي من هذا البلد أو غيره من البلاد العربية، على أنه ديمقراطية أو يمكن أن نشيد به ونفتخر؟ ما جدوى الانتخابات والأموال التي تبذر على مواعيد واستحقاقات تجهض في لحظة تعنت أو شذوذ جنرال لتعود الأمور إلى بدايتها؟ لماذا لم يبق العقيد ولد فال في الحكم أفضل من انتخابات شكلية وصورية لا تفيد شيئا، سوى أنها تضيع وقت بناء الدولة وتبذر فيها الأموال الكبيرة لو وجهت للتنمية لحققت الكثير لشعبها الفقير البائس؟ !!...

إن من يزعم بناء مجتمع ديمقراطي في الدول العربية هو واهم وكاذب، لأن الديمقراطية لا تعيش في الثكنات أبدا، وبتعبير أقرب للمخيال الشعبي أن الحرية لا تتعايش مع عقلية الكابرنات "العرفاء"، فالعسكر في كل الأقطار العربية صنعوا النموذج في قمع الشعوب واضطهادها، ففي كل انقلاب يحدث قد تسيل الدماء أو يسيل اللعاب وتسرق الأحلام وتنهب الأموال، فكيف يمكن أن نعطي للشعوب حريتها في اختيار السلطة التي تريد، وفي الوقت نفسه نحاصر هذه السلطة بقبعات وبحوافر ورتب تغدو قداستها أكثر من قيم الأمة ومبادئ البلد؟ ما جدوى وجود الجيوش والجنرالات والأسلحة في بلدان لا تحارب ولا تقاتل، بل لا قضية لها أصلا؟ أليس الأجدر هو إلغاء المؤسسة العسكرية في البلدان العربية مادامت صارت عبارة عن كيان لعصابات لا هم لها سوى التسلط والديكتاتورية؟ هل يوجد جيش عربي الآن شارك في حرب أو حرر شعب أو تصدى لظلم وضرب على يد ظالم؟ أليس مصائب الدول العربية كلها جاءت من الثكنات العسكرية أشعل فتيلها عسكريون؟...

بالتأكيد أن ما جرى في موريتانيا يكشف للعلن هشاشة الأمة العربية، التي تحكمها العقلية القبلية المقيتة وقد غرزت مخالبها ومدت نفوذها بإمتياز في الثكنات ومن وراء جدرانها، كموريتانيا التي تتصارع فيها أعراق بأصول ولغات مختلفة ومتناحرة بين المور والولوف والبيل والسوننكي والتوكلر، فضلا عن صراع النفوذ الأجنبي بين أمريكا وفرنسا... هذا إلى جانب هشاشة الأمة المهددة بالإثنيات والطوائف والتفتيت، فنجد الشعوب أيضا لا تكترث بما يهددها أو يتلاعب بوجودها، يكفي مثلا ونحن نتحدث عن موريتانيا أنه وقبل صدور البيان رقم واحد الذي أكد سخف ما قام به الجنرالات، وكأن مصير دولة يتوقف على عزل موظفين ولو كانوا برتبة جنرال... لقد خرج بعض المواطنون يرحبون ويرقصون وكأن ما حدث يشبه يوم سقوط بغداد في التسويق الإعلامي له، بالرغم من أن الانقلاب الذي علمت به باريس في دقائق تنفيذه، في بيانه الأول استخف بالإرادة الشعبية أيما استخفاف، وكأن الجنرالات خاطبوا الشعب بأنهم مستعدون إحراق البلد من أجل مناصبهم وبقائهم في القيادة العسكرية، وقد يبيعونها للغزاة إن وجدوا ذلك كحل للحفاظ على مكاسبهم، ولم نسجل موقفا شهما كمسيرات أو اعتصامات أو احتجاجات، يمكن أن نجعل منها كدليل عن وعي سياسي ديمقراطي لدى شعوبنا، بل يجعلنا نعول عليها في مثل هذه المواقف الحرجة، ويمكن أن يدفعنا إلى الإشادة بالأمة عندما تصادر أصواتها وتجهض إرادتها ويسرق مصيرها، لذلك من يزعم أنه يملك أغلبية شعبية وأنه بها يمكن أن يصمد ويتحدى الأعاصير فهو واهم، فالشعوب التي تتخلى عن رجل أو سلطة نالت الرضا في صناديق الاقتراع، وفي أول موقف مضاد لخيارات جهات نافذة، تقدم على السطو العلني على هذه الشرعية، فلا تستحق هذه الشعوب سوى عقلية العسكر تسيرهم وتسوقهم كالدواب في زرائب يطلق عليها - تجاوزا - ثكنات، لأن الجندي أو العريف لا يمكن أبدا أن يعترض أو ينتخب على قائد له، وكل شيء يخضع للتعيين بقرارات فوقية تحكمها لعبة التوازنات بين الأطراف المتنازعة على النفوذ في الهيئة العسكرية... وإن كنا قد سجلنا مواقف سياسيين تدين الانقلاب، ولكنها في مجملها مواقف تبحث عن فضاء لنفسها في الوضع الجديد وتحت قبضة جنرالات "مجلس الدولة"، لأن الجميع يعرف تمام المعرفة مدى جدية العسكر في قراراتهم، فهل من الممكن أن يتراجع الجنرالات في انقلابهم وقد تمت السيطرة على كل شيء من دون إطلاق رصاصة واحدة وهو ما يثبت هشاشة الدولة وسذاجة مؤسساتها؟ هل من الممكن أن يطلق سراح الرئيس من زنزانته وتقدم له الورود والتحية العسكرية ليعود إلى بيته الذي عبث به الجنرالات وعرضه الذي استباحوه في جنح الظلام؟ ألا يوجد خيار آخر لعزل رئيس وبطرق شرعية ومؤسساتية غير الانقلاب؟ ما جدوى وجود الهيئات التشريعية التي تنهب المال العام مادام التغيير والحساب يأتي من على ظهر الدبابات؟ أليس الشعب هو صاحب الشأن في اختيار الحاكم أو عزله؟ !!

الجواب واضح ولا يحتاج لمزايدة، وهو أنه من المستحيلات السبع أن تعاد الأمور لمجاريها برغم التنديد الدولي والتردد العربي والصمت المغاربي المشبوه، ومن يزعم غير هذا فهو واهم ولا يفهم شيئا عن طبيعة فقه الثكنات وأدبياتها في الحياة العربية، والسياسيون الذين يطالبون بالعودة للمؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية عن طريق إستعادة الرئيس المخلوع لمنصبه، هم يمارسون الإستحمار العلني على الشعب الموريتاني والشعوب ليس إلا، إن لم يكونوا أغبياء لهذا الحد، والعيب يكمن في هذه الطبقة السياسية لأنها لم تدفع ضريبة النضال من أجل تمكين السياسي المؤسساتي على حساب العسكري الانقلابي، فالذين يقبلون قدم كل جنرال وهو في أوج انتصاراته الانقلابية من أجل أن يمنحهم فضاء في ظل لعبته السياسية، لا يمكن أن نعول عليهم في تقديم البدائل أو إحداث تغيير يتجلى في مفهوم واضح وبين، يضع حدا فاصلا ما بين العسكري والمدني، ويعطي حصانة للمؤسسات والصلاحيات الدستورية المخولة للرئيس أو للوزير أو للنائب أو للجنرال، وفق رؤية حضارية تتجاوز الأنا والأنانية المفرطة التي صارت داء الأنظمة العربية بلا استثناء...

لقد جردت الديمقراطية من رتبتها ولم يبق لها في الوطن العربي سوى رتبة "جندي"، ففي زمن الجنرالات سواء في الجزائر أو موريتانيا أو تونس أو سوريا أو مصر أو ليبيا أو... الخ، لا يمكن أن تعيش الحرية وتنعم بأنوثتها وفحولتها ومروءتها، ولا يمكن للشعوب أن تتنفس الهواء النقي أبدا والثكنات تتفنن في إشعال النيران وإزكام الأنوف بالقنابل ودخان الموت الأسود والحروب ورماد المؤامرات... المغرب العربي في خطر هكذا أقول وأردد مادام الجنرالات يصنعون الموت والجوع والفرقة والتفتيت الهيكلي للبنية الوحدوية المغاربية من خلال تنظيمات مشبوهة، ويرسون دعائم الديكتاتورية من خلال مصادرة الخيارات الشعبية بينها التي أشعلت فتائل الحرب الأهلية، وأخرى قد تعيدنا إلى زمن الاستعباد، فمغربنا العربي ينام على براكين وقنابل موقوتة ستنفجر حتما إن لم يتم تدارك أمرها، وحينها لا يجدي الدمع ولا ينفع الندم ولا يداويها القضاء... في انتظار الانقلاب القادم سيبقى مصير موريتانيا تحت حوافر الجيش وإيعازات الانتباه والخلف دور، والانتخابات القادمة التي سيشرف عليها العسكر للمرة الأخرى وفي ظرف قياسي، لن تقدم شيئا لواقع الشعب الموريتاني الجائع الفقير الذي تنهب ثرواته من طرف عصابات تتصارع على ريع السلطة، وكل واحدة تولي وجهها شطر ما تريد وما ينفعها وفق عمالتها الخاصة، ووفق أجندة رسمت لها بين باريس وواشنطن، وإن زعموا أن استقلالها عن فرنسا قد حدث في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1960... لك الله يا شعب موريتانيا وأنت تئن تحت مزنجرات لا ترحم ودبابات صارت بضاعات في مزادات القبلية النتنة والتبعية المتجلية.